فصل: الاستنجاء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب اللباب في بيان ما تضمنته أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع والأسباب



.الاستنجاء:

وهو إزالة ما على المخرجين من الأذى بالماء، فإن إزيل بالحجر سمي استجمارًا.

.آدابه:

عشرة:
الإبعاد والتستر، وأن لا يجلس على جحر ولا مهواة، واجتناب الملاعن وهي الطرق والظلال والشاطئ والماء الراكد. وإعداد المزيل، وأن يستعيذ بالله من الخبث والخبائث قبل دخوله المحل، وفيه إن كان غير معد له وفي المعد له قولان، فإن كان في إصبعه خاتم فيه نقش اسم الله تعالى لم يستنج به على الأصح، والجلوس، وأن لا يرفع ثيابه حتى يقرب من المحل، ويجوز البول قائمًا إن أمن التطائر، وأن لا يتكلم، وأن لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها في الصحراء، فإن كان في مرحاض مسح بساتر أو غيره جاز، فإن كان ساترًا خاصة فقولان، ويتعين الماء للمني، وكذلك المذي على الأصح، وما عدا ذلك تكفي فيه الأحجار، وقال ابن حبيب: ترك العمل بالاستجمار فلسنا نجيز ذلك اليوم، إلا لمن عدم الماء، ويبدأ بالقضيب فينتثره ويسلته من غير مبالغة، ثم يغسل يده اليسرى، ثم محل البول، ثم الآخر، ويوالي الصب حتى ينقى ويكفي في البول غسل محل الأذى، وفي المذي قولان، وإذا قلنا بغسل جميعه، ففي النية قولان، وفي تعيين ثلاثة لكل مخرج قولان وعلى التعيين في حجر ذي ثلاث شعب قولان، وفي إمرارها على جميع المحل أو لكل صفح واحدة وواحد للوسط قولان، والخلاف في حال، وإذا ترك الاستنجاء والاستجمار عامدًا أعاد الصلاة أبدًا، وإن تركهما ساهيًا فروى ابن القاسم يعيد في الوقت، وقال أشهب: لا إعادة عليه.

.الغسل:

يجب على الرجال بأمرين:
الأول: الجنابة، وتكون بأمرين: إنزال الماء الدافق المقارن للذة المعتادة في يقظة أو نوم، فإن خرج بغير لذة أو بلذة غير معتادة، فقولان: الوجوب اختيار سحنون وابن شعبان، وإذا قلنا: لا يجب، ففي إيجاب الوضوء قولان.
الثاني: مغيب الحشفة، أو مثلها من مقطوع في أي فرج كان والمرأة وفي البهيمة مثله.
الثالث: الإسلام، وإذا أسلم الكافر وجب عليه الغسل، فقيل: تعبد، وقيل: لأنه جنب، وهو المشهور، وعليهما ينبني غسل من لم يتقدم له جنابة، ورأى القاضي إسماعيل أنه مستحب عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يجب ما قبله»، وليس كذلك، وألزم الوضوء ولا يلزمه.
ويجب على المرأة بما ذكرنا وبالنقاء من الحيض والنفاس بخلاف الاستحاضة، ثم قال: تتطهر أحب إليَّ.

.أركانه:

كالوضوء، المزيل: هو الماء الطهور ولا يغتسل الجنب في الماء الدائم، وإن غسل الأذى للحدث.
المزال: حكم الحدث.
المزال عنه: جميع الجسد.
كيفية الإزالة: هي الإتيان بالواجب والسنن والفضائل واجتناب المكروهات.
فالواجب:
غسل جميع الجسد والموالاة والنية والمضمضة والاستنشاق ومسح داخل أذنيه والباطن هنا الصماخ وتخليل اللحية وقيل: فرض.

.وفضائله:

التسمية وغسل يديه قبل إدخالهما في الإناء وغسل ما به من الأذى ثم الوضوء قبله ثم يغرف على رأسه ثلاثًا والبداية بالميامن.

.المكروهات:

كالوضوء وفي تأخير غسل الرجلين ليكون قد بدأ بالأفضل وختم بالأفضل ثلاث يفرق الثالث، فإن كان موضعه وسخًا أخرهما، وإلا فلا، وعلى تأخيرهما، ففي رأسه قولان.
تنبيه:
إن نوى بوضوئه أنه من غسل الجنابة لم يمر يديه عليهما ثانيًا، وإن نوى الفضيلة وجب عليه أن يمر يديه عليهما ويتصل بما نحن فيه.

.ذكر الحيض والنفاس وأحكامهما:

والحيض: دم يخرج من فرج الممكن حملها عادة بغير علة غير زائد على العادة الشرعية أو العرفية من غير ولادة، فلا اعتبار بدم الصغيرة كبنت ست ولا بدم الآيسة كبنت السبعين.
وقال ابن شعبان: وبنت الخمسين في العدة وفي اعتباره بالعادة قولان، والعادة الشرعية خمسة عشر يومًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي»، ولذلك قلنا أنه أكثر الحيض، وأقله في المعتادة غير محدود، وأكثر الطهر غير محدود، وأقله خمسة عشر يومًا على المشهور، والنساء مبتدئة ومعتادة وحامل.
المبتدئة إن تمادى بها الدم مكثت خمسة عشر يومًا، وروى ابن نافع تنظر لعادة أندادها وهن ذوات أسنانها، وروى ابن وهب وتستظهر بثلاث.
المعتادة إن تمادى بها، فإن كانت عادتها خمسة عشر يومًا طهرت عند تمامها من غير استظهار على المشهور، وإن كانت عادتها أقل، فقال في المدونة: تمكث خمسة عشر يومًا، ثم رجع فقال: عادتها، وتستظهر بثلاث إن كان عادتها اثني عشر فأقل، فإن كانت عادتها أكثر لم تزد على خمسة عشر، وحكم أيام الاستظهار حكم أيام الحيض، وما بينها وبين الخمسة عشر، فهي طاهر، وقيل: تحتاط فتصوم وتقضي وتصلي ولا تقضي، ويمنع الزوج، ثم تغتسل ثانيًا.
الحامل إذا تمادى مكثت قدر ما يجتهد لها، وليس في ذلك حد، وليس أول الحمل كآخره، وروي أشهب أنها كالحائل، والتي انقطع دمها، ثم عاد بعد طهر تام على الخلاف، فهو حيض، ومؤتنف وإلا فيضاف إلى الأول، فإذا لفقت من أيام الدم قدر عادتها مع الاستظهار أو بدونه أو بخمسة عشر على الخلاف المتقدم، فهي مستحاضة، ولا خلاف في ذلك إن كانت أيام الدم أكثر، فإن تساويا أو كانت أيام الطهر أكثر، فكذلك على المشهور.
وقال ابن مسلمة: يكون أيام الطهر طهرًا، وأيام الحيض حيضًا حقيقة، ومتى ميزت المستحاضة بعد طهر تام حكم بابتداء حيض في المعتادة اتفاقًا، وفي العادة على المشهور يرجع إلى النساء، وللطهر علامتنا: الجفوف والقصة البيضاء، وهو ماء أبيض كالقصة وهي الجيار.
والنفاس: دم الولادة، ومتى انقطع اغتسلت وصلت، فإن تمادى تربصت ستين يومًا، قاله مالك، ثم رجع إلى العادة، ولو ولدت ولدًا وبقي في بطنها آخر، فلم تضعه إلا بعد شهرين والدم متماد، فقال ابن القاسم: هي كحال النفساء ولزوجها رجعتها إن لم تضع الآخر، وقيل: كحال الحائض، فإن انقطع دمها ثم عاد، فإن كانت بعد طهر تام فهو حيض، وإلا فعلت كالتي انقطعت حيضتها.

.المسح على الخفين:

جائز للمسافر بلا خلاف، وكذلك للمقيم على الأصح بشروط ثمانية: أن يكون خفًا فلا يمسح على الجوربين، فإن كانا مجلدين ففي جواز المسح روايتان ولا على الجرموقين، إلا أن يكون من فوقهما ومن تحتهما جلد مخروز، وأن يكون ساترًا لمحل الوضوء، وأن يكون صحيحًا فلا يمسح على المقطوع واليسير مغتفر وأن يلبسهما وهو على طهارة، وأن تكون الطهارة بالماء دون التيمم، وأن تكون كاملة فلا يمسح من لبس أحد خفيه قبل غسل الرجل الأخرى، وأن يلبسهما للأمر المعتاد من دفع حر أو برد، فلا يمسح من لبسهما للحناء أو لنوم، وأن لا يكون عاصيًا بلبسهما، فلا يمسح المحرم العاصي ولا المحرمة ولا تحديد في ذلك على المشهور، وله أن يمسح ما لم يحدث.

.وصفته:

أن يضع يده اليمنى على أطراف أصابعه من قدمه اليمنى ويضع يده اليسرى تحت أطراف أصابعه من باطن خفه وتمرها إلى موضع الوضوء، وكذلك يفعل باليسرى.
وقال ابن أبي زيد: يجعل يدجه اليسرى من فوق ولا يتبع الغضون ويزيل ما بأسفله من طين.

.المسح على الجبيرة:

وإذا أصابه جرح في أعضاء الوضوء أو في جسده وهو جنب مسح عليه بأن خشي من مس الماء مسح على الجبيرة وعلى ما شدت به إذا كانت لا تثبت ويلحق بذلك الفصادة يخاف من حلها والظفر يكسر مرارة والقرطاس على الجبيرة، وإذا ربط الجبيرة ولم تثبت أو لم يقدر على مسها أو لم يكن ربطها وكانت في أعضاء التيمم غسل ما عداها وكان كعضو سقط وإن كان في غيرها تيمم وتركه، وقيل: يغسل ما صح والمتفرقة، فإن كانت في الأكثر تيمم، وقيل: يغسل ما صح ويتيمم للخروج من الخلاف.

.الأبدال في الشريعة:

تنبيه:
الأبدال في الشريعة: خمسة: بدل الشيء من الشيء في المشروعية كالجمعة بدل من الظهر، وبدل الشيء في جميع أحكامه كخصال الكفارة، وبدل الشيء في بعض أحكامه كالتيمم، فإنه لا يرفع الحدث، وبدل الشيء من الشيء في محله كالمسح على الخفين وخاصيته إذا ظهر المبدل بطل حكم البدل، فلو نزع الخفين وجب عليه غسل الرجلين إن برئ الجرح وإلا أعاد المسح والصلاة إن جرى ذلك فيها وبدل الشيء من الشيء في بعض حالاته كالعزم بدل من تعجيل الظهر.

.التيمم:

.حقيقته:

طهارة ترابية تفعل مع الاضطرار دون الاختيار شرطها عدم الماء حسًا أو شرعًا كالمريض الذي لا يقدر عليه، وكالذي يخاف أن يمشى إليه على نفسه أو على ماله لا يجده غاليًا ثمنه والمشتغل بنزع الماء من البير يخشى فوات الوقت على المشهور.

.أركانه:

أربعة: المتيمم به، والمتيمم له، ووقت التيمم، وصفة.
المتيمم به: التراب المنبت بلا خلاف، ويلحق به عندنا على المشهور كل ما تصاعد على الأرض من جنسها ما لم تدخله صنعة.
المتيمم له: الصلوات المكتوبة بلا خلاف، واختلف في الجمعة وسائر الفرائض للحاضر الصحيح إذا خشي فواتها، والمشهور التيمم، ويتيمم المريض والمسافر لكل ما يشترط فيه الوضوء في تجديد سفر التيمم كالقصد قولان، ويشترط أن يكون مباحًا على الأصح، وأما الحاضر الصحيح، فلا يتيمم لنافلة، ولا للسنن على الكفاية كالعيدين والجنازة على المشهور ولا للسنن على الأعيان ولو وترًا وركعتي الفجر، فإن تعينت الجنازة فكالفرض على الأصح.
الوقت: ولا يتعين عليه الطلب إلا بعد دخول الوقت ويطلبه طلبًا لا يشق بمثله.
قال مالك: من الناس من يشق عليه نصف الميل، فإن كان في رفقة نحو الثلاثة طلبهم إن علم أنهم لا يمنون به لقرب السفر، وإن كانوا أكثر فلا، وإن لم يطلبهم أعاد أبدًا، ثم إذا طلب ولم يجد وكان آيسًا يتيمم أول الوقت، وإن كان راجيًا يتيمم آخره، وإن كان مترددًا يتيمم وسطه، ثم إن وجد الماء قبل الصلاة بطل وإن صار عليه في الصلاة، فلا يقطع إلا أن يذكره في رحله، وقيل: لا، وإن كان بعد الصلاة، وكان تيممه في الوقت المعين له لم تبطل، فإن كان معه بعض تقصير أعاد في الوقت، وقيل: أبدًا كالمريض العادم المناول والمطلع عليه بقربة والخائف من لصوص أو سباع وناسي الماء في رحله ثلاثة يفرق في الثالث، فيعيد في الوقت، قاله ابن القاسم.

.صفته:

أن يضرب الأرض بيديه ثم ينفضهما نفضًا خفيفًا، ثم يمسح بهما وجهه ثم يضربهما ويضع يده اليسرى على أطراف أصابع يده اليمنى من فوق الكف، ثم يمرهما إلى المرفق، ثم يديرهما من تحته ويديرهما إلى الكوعين، ثم يفعل باليسرى كذلك، ثم يمسح كفيه ويخلل أصابعه وينزع الخاتم والنية والموالاة والترتيب كالوضوء، لكنه ينوي استباحة الصلاة محدثًا أو جنبًا لا رفع الحدث، فإنه لا يرفعه على المشهور وهو مشكل؛ لأن المراد من الحدث إنما هو المنع من الصلاة لا نفس الخارج، فإنه واقع لا يرتفع والأولى أن يقال: إنه يرفعه إلى غاية وجود الماء وهو اختيار شيخنا شهاب الدين القرافي رحمه الله تعالى، وإذا نوى فرضًا صلى بعده من النفل ما شاء، ولو فعل ذلك قبل صلاة أعاد تيممه، فإن لم يفعل ففي إعادته بعد الوقت قولان، وإن نوى نافلة لم يصل به فريضة وصلى من النفل ما شاء وفيمن لم يجد ماء ولا ترابًا أربعة أقوال.
قال ابن القاسم: يصلي ويقضي، لا يصلي ولا يقضي، قاله مالك، يصلي ولا يقضي قاله أشهب، عكسه لأصبغ.

.إزالة النجاسة:

واجبة مع الذكر والقدرة دون العجز والنسيان على المشهور، وقيل: سنة، وقيل: واجبة، والعلة الاستقذار.

.وأركانها:

كالوضوء:

.المزيل:

الماء الطهور على المشهور، وقيل: يجوز بكل قلاع كالخل وبالماء المضاف وفي الجلد الدباغ، وفي ناب الفيل الصلق على أحد الأقوال، وفي البير يقع فيه دابة ولها نفس سائلة، فيتعين فيه النزح، فإن لم يتغير كان النوح مستحبًا ولا حد للدلاء وينبغي أن ترفع ناقصة.

.المزال:

عين النجاسة وأثرها.

.المزال عنه:

إن كان المراد الصلاة فالثوب والبدن والمكان، وإن كان المراد الانتفاع بالأكل والبيع وغير ذلك، فلابد من تمييز الطاهر من النجس.
وقد انقسمت الأعيان بحسب ذلك ثلاثة أقسام: قسم اتفق على طهارته، وقسم اتفق على نجاسته، وقسم اختلف فيه.

.القسم الأول:

الأرض وجواهرها ومعادنها والحيوان عدا الخنزير والكلب والمذكي المأكول وما انفصل من لبن المباح في حال الحياة، إلا ما يأكل الجيف، وكذلك العرق ونحوه وبول المباح وروثه إن خرج وهو حي، وكذلك البيض، وإن خرج من ميتة إلا أن يكون رطبًا، وكذلك الريش والشعر والوبر، وإن أخذ من ميتة وميتات البحر وما لا نفس له سائلة من دواب البحر، وتحرم أواني الذهب والفضة ليست لنجاستها، بل للسرف، ولا خلاف في تحريم استعمالها، وكذلك اقتناؤها على الأصح.

.القسم الثاني:

البول والعذرة من الآدمي الذي يأكل الطعام، ومن المحرم الأكل والدم المسفوح عدا دم السمك، وكذلك القيح والصديد والمذي والودي، وكذلك المني والعلة خروجه من محل البول، وقيل: لأن أصله دم وعليهما ينبني الخلاف في مني المباح والمكروه ولبن الخنزيرة ولحمها وشحمها وألقى المتغير عن حال الطعام، وقيده اللخمي بما إذا شابه أحد أوصاف العذرة.

.القسم الثالث:

الخنزير والكلب، والمشهور طهارة عينهما وشعرهما طاهر، وقيل: لا، والخمر، وقال ابن لبابة بطهارتهما وميتة الآدمي، والقول بنجاستها لابن القاسم، وأشار المازري إلى التفرقة بين المسلم والكافر، وما يعيش في البر من ميتات البحر طاهر على المشهور، وقرن الميتة وظفرها وسنها نجس، وقيل بالفرق بين طرفها وأصلها، وقيل بالطهارة كلها، وفي ناب الفيل قول رابع بطهارته بالصلق وبول المباح الذي يصل إلى النجاسة نجس على المشهور، وكذلك من لم يأكل من الطعام من الآدمي وبول ما هو مكروه كالفارة مكروه، وقيل: نجس، وفي لبن ما عدا الخنزير والمباح والآدمي مباح، والنجاسة والكراهة في المحرم وفي طهارة لبن الجلالة وبيضها والمرأة الشاربة للخمر وعرق السكران، قولان، والمشهور طهارة الخل المنقلب عن الخمر بالمحاولة، وفي جلد الميتة إذا دبغ ثلاثة أقوال المشهور أنه يطهر طهارة خاصة في اليابسات، والماء وحده، ولا يباع ولا يصلى به ولا عليه، وفي جلد المذكي من المحرم الأكل قولان ولا يختلف في جلد الخنزير وتوقف رحمه الله تعالى في الكيمخت وهو جلد البغل والفرس والحمار إذا علمت الطاهر من النجس بانفراده وجب أن تعلم حكم اختلاطهما، فأما الماء فقد تقدم حكمه، وأما الطعام فإن كان جامدًا كالعسل والسمن الجامدين ألقيت، وما حولها بحسب طول مكثها وقصره، وإن كان مائعًا يسيرًا طرح جميعه، وإن كان كثيرًا والنجاسة قليلة طرح على المشهور، وسؤر ما عادته استعمال النجاسة إن ريئت في فيه نجاسة عمل على حلولها فيما شرب منه، وإن لم تر وعسر الاحتراز منه كالهرة والفارة فمغتفر، وإن لم يعسر كالدجاج والأوز المخلاة فالغالب الحلول، والأصل عدمه، فقدم في المدونة الأصل في الطعام لحرمته ولم يؤمر بإراقته وقدم الغالب في الماء لجواز طرحه، فإن توضأ به وصلى أعاد في الوقت خاصة؛ لأن الصلاة لها حرمة، فقويت لحرمتها وصارت كحرمة الطعام، فاعتبر الأصل كما اعتبر في الطعام وأعمل الغالب أيضًا في ثياب غير المصلى، وما يحاذي الفرج من غير العالم بالاستبراء وأعمل الأصل فيما ينسجه النصارى دون ما لبسوه، وانفرد سؤر الكلب بمعنى الحديث، وهو غسل الإناء من ولوغه سبعًا، واختلف في العلة، قيل: للنجاسة، وقيل: للاستقذار، وقيل: لما يخشى من داء الكلب والسبع تستعمل في التداوي من السم لقوله صلى الله عليه وسلم: «من تصبح على سبع تمرات عجوة لم يضره من ذلك اليوم سم»، وفي اختصاصه بالمنهي عن اتخاذه قولان.

.كيفية الإزالة:

ولا تخلو النجاسة أن تكون معلومة الحلو في المحل أو مشكوكة ثم معلومة الحلول إن كانت مما يعسر زوالها لتكررها فمعفو عنها كالدمل والجرح في الجسد والثواب، وكذلك يسير عموم الدم إن كان قدر الخنصر والدرهم على الخلاف في مقدار اليسير إذا رآه في الصلاة، وقيل مطلقًا، وروى يسير الحيض ككثيره.
وقال ابن وهب: ودم الميتة وإن كانت مما لا يعسر أزيلت بالصب والدلك حتى يذهب عينها وأثرها، فإن بقي طعمها لم يطهر المحل، وإن بقي لونها أو ريحها لعسر قلعه بالماء فمغتفر ولا يضر ما بقي في الثوب من بللها، فإنه جنس المنفصل وإن كانت غير متميزة المحل غسل الجميع، واختلف في طهارة الزيت النجس واللحم يطبخ بماء النجس والزيتون يملح بماء النجس والبيض يصلق مع نجس بيض أو غيره بناء على كمال الطهارة فيه أو لا، وفرق سحنون بين أن ينضح أو لا، وإن شك في إصابتها نضح إن كان في الثوب، وكذلك الجسد واستقرى الغسل من قوله ولا يغسل أنثييه من المذي إلا أن يخشى إصابتهما، فإن انضاف إلى الشك في الإصابة الشك هل هو طاهر أو نجس فلا شيء عليه، وكذلك إن شك في طهارته على المشهور، ولو ترك النضح فصلى، فقال ابن القاسم: يعيد كالغسل، وقال أشهب: لا إعادة، وإن وقع الشك في عين المصاب، وإن كان متميزًا كالأواني والثياب تجري في الثياب.
وقال ابن الماجشون: يصلي بعدد النجس، وزيادة ثوب، وأما الأواني، فقال سحنون: يتيمم ويتركها.
وقال ابن الماجشون: يتوضأ بجميعها، زاد ابن مسلمة: ويغسل أعضاء الوضوء مما قبله.
وقال ابن سحنون: يتحرى كالقبلة ابن القصارى إن قلت اجتهد، وإن كثرت عمل كما قال ابن مسلمة.

.اللواحق:

وهي الأحداث وموانع الحدث.

.الحدث:

هو الخارج من السبيلين معتادًا على وجه الاعتياد، والمعتاد هو البول والمذي والودي والغائط والريح، وغير المعتاد الدود وشبهه والحصى والدم، وأما البواسير فالمشهور عدم تأثيرها.
وقال ابن عبد الحكم: هي موجبة، فلو خرج مع الحصى أو الدود شيء من المعتاد لعلق الوضوء به، قاله ابن القاسم وابن نافع.
قال ابن مزين: ما لم يكن مستنكحًا ولو خرج المعتاد من غير موضعه كالذي يتقياه وصار له ذلك عادة، ففيه للمتأخرين قولان، ولو خرج على غير الاعتياد كالسلس لم يوجبه، ثم إن كانت ملازمته أكثر استحب له الوضوء كالاستحاضة، وإن استويا سقط على المشهور، فإن كانت مفارقته أكثر، فالمشهور الوجوب، وأما إن لازم فلا اعتبار به، وإن كثر المذي للعزبة أو للتذكر، فالمشهور الوضوء وألحق الفقهاء مظنة وجود الحدث بالحدث، ويسمون ذلك سبب الحدث.
والأسباب ثلاثة:
الأول: زوال العقل بجنون أو إغماء أو سكر، واختلف في النوم، فقيل: هو حدث في نفسه، والمشهور أنه مظنة الحدث، واختلف في تحرير المقتضى لخروجه على ثلاثة طرق، فمنهم من اعتبر النوم في نفسه في الخفة والثقل، ومنهم من اعتبر هيئة النائم باعتبار ما يتيسر منه الخروج ومدارهم على ما يغلب على الظن خروج الحدث معه ولا يشعر.
الثاني: اللمس، فإن وجد اللذة به انتقض، وإن لم يجد ولم يقصد لم ينتقض، وإن قصد ولم يجد انتقض على المنصوص.
الثالث: مس الذكر على المشهور، وقيل: ليس هو سبب، وحيث قلنا: هو سبب فاعتبر العراقيون قصده إلى اللذة، وقيده مالك في الرواية الأخيرة عنه أن يمسه بباطن الكف أو بباطن الأصابع، واعتبر أشهب باطن الكف خاصة، واعتبر في المجموعة العمل، وهذا عندي مشكل؛ لأن المظنة إنما تتيسر حيث يغلب على الظن وجود الحكمة معها، أما إذا قطع بعدم وجودها لم تعتبر إجماعًا، قاله عز الدين بن عبد السلام.